-->

تحديات التدريب في عصر التحول الرقمي والذكاء الإصطناعي

 

الإعلامية / غادة محمد – مكتب سلطنة عمان - في خضم الثورة التكنولوجية المتسارعة، يفرض التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي (AI) واقعًا جديدًا على مختلف القطاعات، وعلى رأسها قطاع التدريب. لم تعد أدوات التدريب التقليدية قادرة على مواكبة تطلعات الأفراد والمؤسسات، ولم يعد المتدرب مجرد متلقٍ للمعلومة، بل بات مشاركًا فاعلًا في بيئة تعليمية ديناميكية تتطلب مرونة، وابتكارًا، وفهمًا عميقًا للتكنولوجيا.

من التدريب الورقي إلى الواقع الافتراضي

شهدنا خلال العقد الأخير انتقالًا تدريجيًا من التدريب القائم على المحاضرات الورقية والقاعات المغلقة، إلى التدريب الإلكتروني (E-learning) ومن ثم إلى التعلم المدمج (Blended Learning) والتدريب عبر الواقع الافتراضي (VR) والمعزز (AR). هذا التطور التقني خلق فرصًا هائلة، لكنه في المقابل فرض تحديات عميقة أبرزها:

1- الفجوة الرقمية بين الأجيال :

لا يزال هناك تفاوت ملحوظ بين قدرات المتدربين الرقمية، خاصة في المؤسسات التي تضم شرائح عمرية متنوعة. فبينما يتقن الجيل الجديد أدوات الذكاء الاصطناعي بسهولة، يواجه الموظفون الأكبر سنًا صعوبة في التكيف.

2- ضعف البنية التحتية التقنية :

لا تزال كثير من المؤسسات في الدول النامية تفتقر إلى بنية تحتية رقمية قوية تتيح تنفيذ برامج تدريبية قائمة على الذكاء الاصطناعي أو التعليم السحابي.

3- نقص الكفاءات التدريبية المؤهلة رقميًا :

التحول الرقمي لا يعني فقط رقمنة المحتوى، بل يتطلب وجود مدربين محترفين قادرين على تصميم تجارب تعلم تفاعلية تستخدم خوارزميات AI وتُراعي الفروق الفردية.

4- قضايا الخصوصية وأمن البيانات :

مع الاعتماد على أدوات تعتمد على الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات، برزت مخاوف قانونية وأخلاقية تتعلق بحماية معلومات المتدربين وسلوكهم الرقمي.

5- مقاومة التغيير الثقافي :

التحول الرقمي ليس مسألة تقنية فحسب، بل ثقافية أيضًا. فالكثير من المؤسسات تقاوم التغيير بسبب الخوف من الفشل، أو فقدان السيطرة، أو التشكيك في جدوى الحلول الذكية

أين يقف المدرب المحترف في هذه المعادلة؟

في ظل هذا المشهد المتغير، تتغير وظيفة المدرب من "ملقّن" إلى "مصمم تعلم" و"مرشد رقمي". يجب أن يمتلك المدرب اليوم مهارات في تحليل البيانات التعليمية، واستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي، وتصميم محتوى متكيف مع احتياجات المتدربين الفورية.

 

التوصيات للمستقبل القريب

1- إعادة تأهيل المدربين رقميًا:

يجب الاستثمار في رفع كفاءة المدربين في مجالات التكنولوجيا، والتصميم التعليمي الرقمي، وفهم أدوات الذكاء الاصطناعي.

2- تبني التدريب التكيفي  (Adaptive Learning):

من خلال أنظمة ذكاء اصطناعي قادرة على تحليل مستوى كل متدرب وتقديم محتوى مخصص له.

3- بناء ثقافة تعليم مرن ومستدام :

لا بد من ترسيخ مفهوم "التعلم مدى الحياة" داخل المؤسسات، بحيث يُنظر للتدريب كاستثمار دائم، وليس كإجراء طارئ.

4- الشراكة مع المنصات الذكية :

التعاون مع شركات تكنولوجيا التعليم لإنتاج محتوى ذكي ومتجدد، يتفاعل مع المتدرب ويقوده حسب مستواه وسرعة تعلمه. 

ختامًا، لن يكون التدريب في عصر الذكاء الاصطناعي مجرّد نقل معرفة، بل تجربة تفاعلية ذكية، تتجاوز المكان والزمان، وتضع المتعلم في قلب عملية التطوير. وبين التحديات والفرص، يظل التكيف هو مفتاح النجاح، سواء للمدرب أو للمتدرب أو للمؤسسة.


غادة محمد السيد

26 يوليو 2025

سلطنة عُمان


شارك المقالة عبر:

اترك تعليقا: